تخيل هذا .. لقد دخلت لتوك إلى المبنى الذي يوجد به مقر عملك ووقفت في مقدمة طابور انتظار المصعد ، ثم ضغطت على زر الاستدعاء .. وفجأة أصابك إحساس شديد بالتشاؤم وخوف حقيقي بأن هناك شيئاً مرعباً على وشك الحدوث بل وشعرت كما لو أنك على وشك الموت في اللحظة التالية .. لقد وصل المصعد وفتحت أبوابه إلا أن الخوف الشديد يمنعك من الدخول لتجد نفسك واقفاً وحدك في الردهة ، بينما ضربات قلبك تتلاحق مسرعة وشديدة ، بل وتجد صعوبة في التقاط أنفاسك .. كل هذا يحدث في الوقت الذي دخل فيه باقي الموظفون إلى المصعد وهم ينظرون إليك من فوق أكتافهم متسائلين هل هناك خطأ ما ؟ .. والإجابة أن هناك فعلاً خطأ ..ترى ماذا حدث ، ويحدث بانتظام لشخص بين كل 5. شخصاً ؟! .. هذه إحدى نوبات مرض الرعب ، وهذا هو الخوف القاتل الناتج عن هذا المرض والذي يمر بسلام بعد حوالي دقيقتين تاركاً المريض ومعه إحساس بالقلق وتساؤل محير .. " ترى متى تفاجئني النوبة مرة أخرى ؟".
" إنني أشعر أن نفسي وجسدي يرتعدان، بل وأشعر أنني أتحلل .. أنا أعنى الارتعاش وضيق التنفس والعرق الغزير ودقات القلب العنيفة وآلام الصدر وأحس إنني على وشك الإصابة بذبحة صدرية أو شئ خطير لا أعرف كنهه .. لكن شيئاً من هذا لا يحدث " هذا ما يشعر به مريض الرعب .
كل شخص منا يمر أحياناً بأوقات عصيبة حيث أن الحياة الحديثة بدوافعها وضغوطها وبما فيها من صعوبات في المعاملات تبدو في بعض الأوقات كما لو كانت مصنعاً للقلق والضغوط النفسية ، لكن نوبات الرعب لا تنشأ من الضغوط اليومية للحياة والتي تبدو عادية – حيث أن النوبات تحدث في أماكن معتادة للمريض حيث يبدو أنه لا يوجد أي عوامل رعب بالنسبة له ، لكن النوبة تأتى كما لو كان هناك تهديد حقيقي لحياته ، ويستجيب الجسم لهذا الإحساس بالتالي . ويأخذ مسرح الأحداث منظراً لا يدل على طبيعته وتبدأ مجموعة كبيرة من الأعراض في الظهور على المريض وتسرى بسرعة النار في الهشيم ، فتتلاحق ضربات القلب وتضيق أنفاس المريض ويبعث الجهاز العصبي إلى جميع أجزاء الجسم بإشاراته .. خطر .. خطر .
ما هي أعراض نوبة الهلع ؟
ومن وراء هذا الستار من الظروف يقتنع المريض – بينه وبين نفسه – أنه على وشك الإصابة بذبحة صدرية أو جلطة في المخ أو أنه على وشك الجنون أو الموت ولتشخيص هذه النوبة على أنها نوبة رعب يجب أن تـنتاب المريض بصفة متكررة بمعدل أربع نوبات خلال أربعة أسابيع ، ويجب أن تحتوى على أربعة أعراض من الأعراض التالية :
عرق غزير .
ضيق في التنفس .
رفرفة بالقلب .
ضيق بالصدر .
أحاسيس غير سوية .
إحساس بالاختناق.
إحساس بالتنميل .
إحساس بالبرودة أو السخونة .
إغماء .
ارتجاف .
ميل للقيء وإحساس بالإضراب في البطن .
إحساس بالا واقعية .
شعور بفقدان السيطرة أو الموت أو الجنون .
وتختلف الأعراض من شخص إلى الآخر وقد تكون الأعراض شديدة مع إرهاق جسماني شديد ، مما يجعل الأطباء يخطئون التشخيص ويعتقدون فعلاً أن المريض يعانى من بداية ذبحة صدرية أو ورم بالمخ ، بل ويتم حجز المريض في الرعاية المركزة نظراً لعدم خبرة الأطباء بمرض الرعب ، وعند اكتشاف عدم وجود أي خطر فإن الطبيب يعيد المريض مرة أخرى إلى منزله وقد يتكرر هذا الوضع عدة مرات قبل أن يتم تشخيص المرض .
ويصف أحد المرضى حاله مؤكداً أن معظم النوبات تـنتابني في مترو الأنفاق حتى أنني قد وصلت إلى حالة أنني لا أستطيع ركوبه ، مما أدى إلى أنني أصبحت على وشك الطرد من العمل وبمرور الوقت اعتدت على ركوبه رغم أن النوبات تجتاحني من وقت لآخر. و عندما تبدأ نوبة الخوف الأولى في الزوال فإن المريض يحاول إقناع نفسه أنها حالة عارضة خاصة أن الطبيب أخبره بأن يعود إلى المنزل لأن رسم القلب والفحوص أثبتت أنه سليم تماماً وأن الوضع لا يتعدى كونه إرهاق شديد في العمل ، إلا أن هذا الموقف لا بد وأن يترك ذكرى في نفس المريض حتى تجتاحه النوبة التالية .. وحينئذ فإنه يبدأ في البحث عن سبب واضح حتى أنه يتجنب الأماكن التي حدثت بها النوبات مثل ملعب الكرة أو المصعد على أنها عوامل مسببة للنوبة ، هذا وقد يركن المريض إلى العزلة معللا ذلك بأنه من الأفضل أن يعانى بمفرده بدلاً من احتمال الموقف بين الناس حيث الخوف والذل والهوان وتسمى هذه الحالة بالخوف الانعزالي ، وقد تساعد العزلة – مؤقتاً – مريض الخوف .. إلا أن الحياة الطبيعية في المنزل والعمل تصبح جحيماً حيث يستمر تتابع النوبات التي تسرق من المريض طعم الحيـاة، وفى نفس الوقت فإن هذه العزلة لا تقف حائلاً دون حدوث نوبات أخرى .